ارتفاع درجات الحرارة العالمية مرتبط بزيادة المزاج السلبي لدى البشر

by | سبتمبر 4، 2025 | تغير المناخ, الاحتباس الحرارى

الصفحة الرئيسية » تغير المناخ » ارتفاع درجات الحرارة العالمية مرتبط بزيادة المزاج السلبي لدى البشر

نحن نفكر كثيرا في تغير المناخ من حيث ذوبان الجليد، والفيضانات، أو موجات الحرلكن بحثًا جديدًا يُظهر جانبًا آخر للقصة: ارتفاع درجات الحرارة مرتبطٌ بتزايد المشاعر السلبية حول العالم. فقد وجد العلماء أن الأيام شديدة الحرارة لا تؤثر على أجسامنا فحسب، بل تؤثر أيضًا على مشاعرنا. ويكون التأثير أكبر في البلدان الفقيرة مقارنةً بالدول الغنية.

قام فريق من الباحثين الدوليين بدراسة أكثر من مليار منشور على مواقع التواصل الاجتماعي من 157 دولة. واكتشفوا أن عندما ترتفع درجات الحرارة إلى ما يزيد عن 95 درجة فهرنهايت (35 درجة مئوية)، تصبح منشورات الأشخاص عبر الإنترنت أكثر سلبية. وفي البلدان المنخفضة الدخل، تزيد الحالة المزاجية السلبية بنسبة 25%، بينما في البلدان الأكثر ثراءً، تبلغ الزيادة نحو 8%.

ارتفاع درجات الحرارة مرتبط بزيادة المزاج السلبي

تُذكّرنا النتائج بأن تغيّر المناخ لا يقتصر على البيئة المادية للكوكب فحسب، بل يتعلق أيضًا بكيفية شعور البشر، وتأقلمهم، وتفاعلهم مع بعضهم البعض في عالمٍ دافئ.

نظرة سريعة على الدراسة: 1.2 مليار منشور، 157 دولة، 65 لغة

هذه الدراسة الرائدة، التي نشرت في مجلة واحد الأرضيقدم هذا المشروع أول نظرة عالمية على كيفية تأثير ارتفاع درجات الحرارة على المشاعر الإنسانية. وقد حلل المشروع، بقيادة باحثين من مختبر التحضر المستدام في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والأكاديمية الصينية للعلوم، وجامعة هارفارد، وجامعة ماستريخت، وجامعة ديوك، ومعهد لورييت لأبحاث الدماغ، 1.2 مليار منشور على وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2019.

استخدم الفريق بيانات تويتر وويبو المكتوبة بـ 65 لغة مختلفة في 157 دولة. حُددت لكل منشور درجة مشاعر تتراوح بين 0.0 (سلبي جدًا) و1.0 (إيجابي جدًا) باستخدام معالجة اللغة الطبيعية المتقدمة (NLP). وتُسمى هذه التقنية BERT (تمثيلات التشفير ثنائي الاتجاه من المحولات)وقد سمح ذلك للباحثين باكتشاف النغمات العاطفية الدقيقة عبر الثقافات واللغات.

وتم بعد ذلك مطابقة المنشورات مع بيانات الطقس المحلية من 2,988 موقعًا عالميًا، مما أدى إلى إنشاء مجموعة بيانات ضخمة تربط التقلبات اليومية في درجات الحرارة بالمزاج البشري.

اقرأ أيضا: من الصحة العقلية إلى التحولات الميكروبية: الآثار الخفية لتغير المناخ العالمي

فجوة الدخل في التأثير العاطفي: الدول الأكثر فقراً تتأثر أكثر بثلاث مرات

استخدمت الدراسة حدّ الدخل الذي حدده البنك الدولي، وهو 13,845 دولارًا أمريكيًا للفرد سنويًا، للفصل بين الدول ذات الدخل المرتفع والمتوسط ​​والمنخفض. وقد أظهر هذا التقسيم الواضح كيف تُفاقم الظروف الاقتصادية ضغوط المناخ.

في الأيام التي تزيد فيها درجة الحرارة عن 95 درجة فهرنهايت (35 درجة مئوية):

  • وفي البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، كانت المشاعر المعبر عنها أكثر سلبية بنسبة 25%.
  • وفي البلدان الأكثر ثراءً، كانت المشاعر المعبر عنها 8% أكثر سلبية.

لماذا هذه الفجوة؟ يشير الباحثون إلى أن الدول الفقيرة غالبًا ما تفتقر إلى أنظمة تكييف هواء واسعة النطاق، أو مراكز تبريد، أو بنية تحتية ملائمة. كما قد يعمل سكان هذه المناطق لساعات أطول في الهواء الطلق، وتندر لديهم سبل حماية أنفسهم من الإجهاد الحراري.

مجموعة الدخلتغير المشاعر في الأيام الحارة جدًا (>95 درجة فهرنهايت / 35 درجة مئوية)
الدخل المنخفض والمتوسط ​​(< 13,845 دولارًا أمريكيًا من الدخل الوطني الإجمالي للفرد)25% أكثر سلبية
الدخل المرتفع (≥ 13,845 دولارًا أمريكيًا لنصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي)8% أكثر سلبية

كما يوضح الباحث ييتشون فان: "بفضل التغطية العالمية لبياناتنا، نجد أن الأشخاص في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل يعانون من انخفاض في المشاعر بسبب الحرارة الشديدة أكبر بثلاث مرات من أولئك الذين يعيشون في البلدان المرتفعة الدخل."

يوضح هذا ضرورة إعطاء الأولوية لاستراتيجيات التكيف في المناطق الأكثر فقرًا في سياسات المناخ العالمية. فهذه المجتمعات لا تواجه مخاطر جسدية أكبر جراء الحر الشديد فحسب، بل تتحمل أيضًا عبئًا نفسيًا أكبر.

اقرأ أيضا: أثبتت دراسة أن المناطق منخفضة الانبعاثات أثبتت فعاليتها في الحد من تلوث الهواء وتحسين الصحة العامة

لماذا تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي مهمة؟

لا تستطيع الاستطلاعات التقليدية رصد التحولات العاطفية بهذا الحجم. لكن وسائل التواصل الاجتماعي تتيح رؤية آنية لما يشعر به مليارات الأشخاص يوميًا.

المؤلف الرئيسي يشير Jianghao Wang: تُتيح لنا بيانات مواقع التواصل الاجتماعي نافذةً غير مسبوقة على المشاعر الإنسانية عبر الثقافات والقارات. يُمكّننا هذا النهج من قياس الآثار العاطفية لتغير المناخ على نطاقٍ لا تستطيع المسوحات التقليدية تحقيقه.

من خلال تحليل المنشورات، يستطيع الباحثون تتبع الصحة العاطفية على المستوى الكوكبي ومعرفة كيفية تأثير الضغوط المناخية على المجتمعات.

اقرأ أيضا: دراسة: التعرض المبكر لتلوث الهواء مرتبط بمشاكل صحية في مرحلة المراهقة

قد تتدهور الحالة العاطفية بنسبة 2100% بحلول عام 2.3

ارتفاع درجات الحرارة مرتبط بزيادة المزاج السلبي

لم تتوقف الدراسة عند التحليلات الحالية. فباستخدام نماذج مناخية طويلة المدى، توقع الفريق كيف سيؤثر ارتفاع درجات الحرارة على الحالة المزاجية بحلول عام ٢١٠٠.

بافتراض استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري وبعض مستويات التكيف، ويتوقع الباحثون انخفاضًا بنسبة 2.3% في الرفاهية العاطفية العالمية بسبب ارتفاع درجات الحرارة. مع أن هذا الرقم قد يبدو صغيرًا، إلا أنه يعكس متوسطًا عالميًا. في الواقع، قد تواجه مجتمعات عديدة، وخاصةً في المناطق منخفضة الدخل، انخفاضاتٍ أشدّ بكثير.

ويضيف الباحث نيك أوبرادوفيتش، من الواضح الآن أن الطقس يُغيّر المشاعر على نطاق عالمي. ومع تغيّر الطقس والمناخ، فإن مساعدة الأفراد على أن يصبحوا أكثر قدرة على التكيّف مع الصدمات التي تُصيب حالتهم النفسية ستكون عنصرًا مهمًا في التكيف المجتمعي الشامل.

اقرأ أيضا: الترابط بين التنوع البيولوجي البحري وصحة الإنسان

تغير المناخ ورفاهية الإنسان

يربط هذا البحث بين تغير المناخ والصحة النفسية اليومية. وبينما ركزت الدراسات السابقة على الصحة البدنية أو الإنتاجية الاقتصادية، يكشف هذا العمل كيف أن مزاجنا وحالتنا النفسية معرضة للخطر أيضًا.

البروفيسور سيكي تشنغ من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا المبالغ عنه: "تكشف دراستنا أن ارتفاع درجات الحرارة لا يهدد الصحة البدنية أو الإنتاجية الاقتصادية فحسب، بل يؤثر أيضًا على شعور الناس، كل يوم، في جميع أنحاء العالم."

وهذا يوفر حجة قوية لمعالجة تغير المناخ ليس فقط باعتباره تحديًا بيئيًا أو اقتصاديًا، بل أيضًا باعتباره أزمة تهدد رفاهة الإنسان.

التغيرات المزاجية والحالة العقلية المرتبطة بتغير المناخ

عامل المناخ
التأثير العقلي/المزاجي
الأدلة / الملاحظات
موجات الحر وارتفاع درجات الحرارة
زيادة الانفعال والعدوانية وانخفاض الأداء الإدراكي وخطر الإصابة بالاكتئاب
تشير الدراسات إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يرتبط بارتفاع معدلات العنف والاستشفاء بسبب الأمراض العقلية.
الأحداث الجوية المتطرفة (الفيضانات، حرائق الغابات، الأعاصير)
اضطراب ما بعد الصدمة، والقلق، والاكتئاب، والشعور بالذنب لدى الناجي، والصدمات طويلة الأمد
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الناجين من الكوارث غالباً ما يظهرون معدلات أعلى من الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة بمقدار 2-3 مرات.
تلوث الهواء (PM2.5، الأوزون، NO₂)
التعب وانخفاض الحالة المزاجية وزيادة خطر الإصابة بالخرف والاكتئاب
يؤدي التعرض المزمن للملوثات إلى إضعاف صحة الدماغ ووظيفة الناقلات العصبية.
الجفاف وندرة المياه
ارتفاع مستويات التوتر واليأس وفقدان الأمل، وخاصة بين المزارعين والسكان الريفيين
تم توثيق "القلق البيئي" وانتحار المزارعين المرتبطين بالضغوط المناخية في الهند وأفريقيا.
فقدان التنوع البيولوجي وتغير النظام البيئي
الحزن والأسى ("الحزن البيئي") ومشاعر العجز
الاستجابة النفسية المعترف بها للتدهور البيئي وانقراض الأنواع.
الهجرة والنزوح بسبب المناخ
الصدمة، أزمة الهوية، القلق، العزلة الاجتماعية
تظهر الدراسات الخاصة باللاجئين أن السكان النازحين يواجهون ضغوطات مركبة.
الوعي العام بالمناخ (القلق البيئي)
القلق المزمن بشأن المستقبل، واضطراب النوم، والأرق، والشعور بالذنب
تشير استطلاعات الرأي بين الشباب إلى أن 45% منهم يقولون إن تغير المناخ يؤثر سلبًا على أدائهم اليومي.

اقرأ أيضا: التلوث الضوضائي يضر بصحة ملايين الأشخاص في جميع أنحاء أوروبا، وفقًا لتقرير

ما يمكن لصناع السياسات فعله

وتسلط النتائج الضوء على الحاجة الملحة إلى:

  • استراتيجيات التكيف في البلدان الأكثر فقراً، مثل تحسين البنية الأساسية للتبريد وتصميم المناطق الحضرية.
  • تهدف برامج الصحة العامة إلى مساعدة المجتمعات على التعامل مع الإجهاد الحراري، سواء العاطفي أو الجسدي.
  • أطر السياسات التي تعالج الرفاهية العاطفية باعتبارها جزءًا من القدرة على التكيف مع المناخ.

ويأمل المؤلفون أن يساعد نشر مجموعة البيانات العالمية الخاصة بهم الحكومات والباحثين والمجتمعات المحلية على الاستعداد بشكل أفضل لعالم دافئ.

اقرأ أيضا: العالم يواجه أزمة بلاستيك بقيمة 1.5 تريليون دولار، مع تأثيرات صحية من الولادة وحتى الشيخوخة، وفقًا لتقرير لانسيت

الخاتمة

تُوضّح الدراسة حقيقةً واحدة: ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بتفاقم المشاعر السلبية يؤثر على الناس في جميع أنحاء العالم. وبينما يشعر الجميع بالضغط، تتحمل البلدان الفقيرة العبء الأكبر.

بحلول عام 2100، قد تنخفض الصحة النفسية العالمية بنحو 2.3% بسبب الحر الشديد وحده. وهذا تذكيرٌ مُلِحٌّ بأن تغير المناخ لا يقتصر على العواصف أو ارتفاع منسوب مياه البحار؛ بل يتعلق بكيفية شعور مليارات البشر ووظائفهم اليومية.

كما يؤكد الباحثون، فإن الاستعداد لمستقبل أكثر حرارة لا يعني بناء بنية تحتية أقوى فحسب، بل يتطلب أيضًا مرونة عاطفية أقوى. يُظهر العلم الآن أن تغير المناخ مسألة شخصية للغاية، تُؤثر في عقولنا بقدر ما تُؤثر في بيئتنا.

وإذا أردنا مستقبلًا صحيًا، فعلينا العمل على تحقيقهما. ففي نهاية المطاف، يُمثل ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بتزايد المشاعر السلبية تحديًا لا يُمكننا تجاهله.

اقرأ أيضا: دراسة تكشف عن تلوث بالبلاستيك الدقيق في منتجات الألبان، مما يثير مخاوف صحية

الأسئلة الشائعة

1. كيف تؤثر درجات الحرارة العالمية المرتفعة على الحالة المزاجية للإنسان؟

تشير الدراسات إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يرتبط بالانفعال، والعدوانية، وضعف التركيز، وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق. يُسبب الإجهاد الحراري اضطراب النوم، ويرفع مستويات هرمونات التوتر، وقد يُسبب تقلبات مزاجية.

2. هل هناك أدلة علمية تربط موجات الحر بمشاكل الصحة العقلية؟

نعم. الأبحاث المنشورة في مجلات مثل طبيعة تغير المناخ و لانسيت تظهر دراسة أن هناك علاقة مباشرة بين موجات الحر وارتفاع حالات الدخول إلى المستشفيات بسبب حالات الصحة العقلية، بما في ذلك اضطرابات المزاج وأزمات تعاطي المخدرات.

3. لماذا تسبب درجات الحرارة المرتفعة الانفعال والعدوانية؟

تُرهق الحرارة المرتفعة قدرة الجسم على تنظيم نفسه، مما يؤدي إلى الجفاف وقلة النوم واختلال التوازن الهرموني. وغالبًا ما يُترجم هذا الضغط الفسيولوجي إلى الإحباط والانفعال أو السلوك العدواني.

اقرأ أيضا: يوليو/تموز هو ثالث أكثر الشهور حرارة على الإطلاق على الأرض، محطماً الرقم القياسي للحرارة في تركيا، وفقاً لعلماء الاتحاد الأوروبي

المعلن / كاتب التعليق

  • سيجما إيرث المؤلف

    الدكتورة إميلي جرينفيلد هي خبيرة بيئية بارعة تتمتع بخبرة تزيد عن 30 عامًا في كتابة ومراجعة ونشر المحتوى حول مواضيع بيئية مختلفة. تنحدر من الولايات المتحدة، وكرست حياتها المهنية لرفع مستوى الوعي حول القضايا البيئية وتعزيز الممارسات المستدامة.

    عرض جميع المشاركات

0 تعليقات

تقديم تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المشار إليها إلزامية *

المشــاريـع المقــدمــة